المعتزلة والأحكام العقلية ومبادئ القانون الطبيعي الوراق

المعتزلة والأحكام العقلية ومبادئ القانون الطبيعي

دار النشر: الوراق
€15,00 1500
شغلت مشكلة الخير والشر أو الحسن و القبح، المفكرين والفلاسفة في أدوار الإنسانية على اختلاف مراحل تطورها، فالإنسان منذ أن أراد تقويم سلوكه والحكم عليه حكماً أخلاقياً، ظهرت إشكالية قلما تجاهلها باحث في العلوم الإنسانية، لعلاقتها بعلوم جمة ولاسيما علمي القانون والأخلاق، فهي التي تحدّد مصدر الإلزام الخلقي من ناحية، وطبيعة القيم الخلقية من ناحية أخرى.وقد انمازت هذه المشكلة عن غيرها من المشاكل الفلسفية بأنها لازمت كفاح الإنسان المستمر للوصول إلى مجتمع الفضيلة والعدل، وأسهمت في دفع المجتمع البشري إلى الأمام في محاولة للنهوض بالإنسانية وصولاً إلى المجتمع المنشود، وعكست تاريخاً طويلاً من الصراع بين القوى الحاكمة المستبدة وبين المحكومين الرازخين تحت نير الظلم والاستبداد، فكانت فكرة القانون الطبيعي تعبيراً عن أمل المفكرين بوجود قواعد قانونية، أبدية، خالدة ثابتة، تصح في الزمان والمكان، أسبق من القانون الوضعي وأسمى، يمليها العقل السليم ويستقر عليها الضمير الإنساني والحس الاجتماعي، ليست من خلق الإنسان وإنما وليدة قوة مهيمنة غير منظورة، للاهتداء بها وتكون المثل الأعلى لكل تشريع وضعي يكون أقرب للكمال كلما اقترب من تلك القواعد، لأنها توحي بمقاييس مطلقة للخير والشر والحق والعدل. وقد تطورت فكرة القانون الطبيعي منذ نشأتها وظهور مبادئها عند اليونان، وتبلورها فيما بعد نظرية لها أصولها وقواعدها، وأخذت أشكالاً وصوراً متعددة في العالم الغربي، ولم يحل قدم هذه الفكرة من دون العناية بها والاهتمام الدائم بدراستها، وظلت في مقدمة الحلول المطروحة لتنظيم العلاقات على صعيد المجتمع الوطني والدولي إلى يومنا هذا. وعلى الرغم من إجماع العديد من المفكرين على ضرورة القانون الطبيعي إلا أنهم اختلفوا في تحديد أساسه، فمنهم من أسسه على العقل المحض، ومنهم من أسسه على الدين وهدي مفاهيمه، ولم تحدد العصور المتعاقبة معالمه ومفهومه على نحو يزيل ما يشوبه من غموض وتناقضات، الأمر الذي أدّى إلى تعرض فكرته للانتقادات الكثيرة، وانحرافها في كثير من الأحيان عن أهدافها السامية التي تسعى إليها، وتحولت إلى سلاح ذي حدين، فقد لجأ إليها الحاكم المستبد لتسويغ سلطته، والرأسمالية لتبرير سياساتها واستغلال الشعوب، وأصبح القانون الطبيعي أداة لتحقيق المصالح السياسية المتناقضة، فانحسر مفهومه في زوايا الدفاع عن الذات، بسبب بروز المدرسة التاريخية وهيمنة الفلسفة الوضعية على عالم الفكر والقانون في العصر الحديث. وعلى الرغم من ذلك فإن فكرة القانون الطبيعي لم تتلاش، فنجدها تجدد نفسها وتظهر إلى سطح الحياة كلما كانت الظروف مواتية، فهي لا تزال تحظى باهتمام علماء الأخلاق والقانون، بل إن العديد من القوانين المدنية تعد القانون الطبيعي مصدراً من مصادر القانون لسد النقص في التشريعات الوضعية، فمنها ما نص على مصطلحه ومنها ما اكتفى بذكر قواعد العدالة التي هي قوامه.        كلمات البحث: المعتزله - الاحكام - العقليه - مباديء - قانون - الطبيعى - أحمد - الحريثي

شغلت مشكلة الخير والشر أو الحسن و القبح، المفكرين والفلاسفة في أدوار الإنسانية على اختلاف مراحل تطورها، فالإنسان منذ أن أراد تقويم سلوكه والحكم عليه حكماً أخلاقياً، ظهرت إشكالية قلما تجاهلها باحث في العلوم الإنسانية، لعلاقتها بعلوم جمة ولاسيما علمي القانون والأخلاق، فهي التي تحدّد مصدر الإلزام الخلقي من ناحية، وطبيعة القيم الخلقية من ناحية أخرى.
وقد انمازت هذه المشكلة عن غيرها من المشاكل الفلسفية بأنها لازمت كفاح الإنسان المستمر للوصول إلى مجتمع الفضيلة والعدل، وأسهمت في دفع المجتمع البشري إلى الأمام في محاولة للنهوض بالإنسانية وصولاً إلى المجتمع المنشود، وعكست تاريخاً طويلاً من الصراع بين القوى الحاكمة المستبدة وبين المحكومين الرازخين تحت نير الظلم والاستبداد، فكانت فكرة القانون الطبيعي تعبيراً عن أمل المفكرين بوجود قواعد قانونية، أبدية، خالدة ثابتة، تصح في الزمان والمكان، أسبق من القانون الوضعي وأسمى، يمليها العقل السليم ويستقر عليها الضمير الإنساني والحس الاجتماعي، ليست من خلق الإنسان وإنما وليدة قوة مهيمنة غير منظورة، للاهتداء بها وتكون المثل الأعلى لكل تشريع وضعي يكون أقرب للكمال كلما اقترب من تلك القواعد، لأنها توحي بمقاييس مطلقة للخير والشر والحق والعدل.
وقد تطورت فكرة القانون الطبيعي منذ نشأتها وظهور مبادئها عند اليونان، وتبلورها فيما بعد نظرية لها أصولها وقواعدها، وأخذت أشكالاً وصوراً متعددة في العالم الغربي، ولم يحل قدم هذه الفكرة من دون العناية بها والاهتمام الدائم بدراستها، وظلت في مقدمة الحلول المطروحة لتنظيم العلاقات على صعيد المجتمع الوطني والدولي إلى يومنا هذا.
وعلى الرغم من إجماع العديد من المفكرين على ضرورة القانون الطبيعي إلا أنهم اختلفوا في تحديد أساسه، فمنهم من أسسه على العقل المحض، ومنهم من أسسه على الدين وهدي مفاهيمه، ولم تحدد العصور المتعاقبة معالمه ومفهومه على نحو يزيل ما يشوبه من غموض وتناقضات، الأمر الذي أدّى إلى تعرض فكرته للانتقادات الكثيرة، وانحرافها في كثير من الأحيان عن أهدافها السامية التي تسعى إليها، وتحولت إلى سلاح ذي حدين، فقد لجأ إليها الحاكم المستبد لتسويغ سلطته، والرأسمالية لتبرير سياساتها واستغلال الشعوب، وأصبح القانون الطبيعي أداة لتحقيق المصالح السياسية المتناقضة، فانحسر مفهومه في زوايا الدفاع عن الذات، بسبب بروز المدرسة التاريخية وهيمنة الفلسفة الوضعية على عالم الفكر والقانون في العصر الحديث.
وعلى الرغم من ذلك فإن فكرة القانون الطبيعي لم تتلاش، فنجدها تجدد نفسها وتظهر إلى سطح الحياة كلما كانت الظروف مواتية، فهي لا تزال تحظى باهتمام علماء الأخلاق والقانون، بل إن العديد من القوانين المدنية تعد القانون الطبيعي مصدراً من مصادر القانون لسد النقص في التشريعات الوضعية، فمنها ما نص على مصطلحه ومنها ما اكتفى بذكر قواعد العدالة التي هي قوامه. 

 

 

 


كلمات البحث: المعتزله - الاحكام - العقليه - مباديء - قانون - الطبيعى - أحمد - الحريثي

شغلت مشكلة الخير والشر أو الحسن و القبح، المفكرين والفلاسفة في أدوار الإنسانية على اختلاف مراحل تطورها، فالإنسان منذ أن أراد تقويم سلوكه والحكم عليه حكماً أخلاقياً، ظهرت إشكالية قلما تجاهلها باحث في العلوم الإنسانية، لعلاقتها بعلوم جمة ولاسيما علمي القانون والأخلاق، فهي التي تحدّد مصدر الإلزام الخلقي من ناحية، وطبيعة القيم الخلقية من ناحية أخرى.
وقد انمازت هذه المشكلة عن غيرها من المشاكل الفلسفية بأنها لازمت كفاح الإنسان المستمر للوصول إلى مجتمع الفضيلة والعدل، وأسهمت في دفع المجتمع البشري إلى الأمام في محاولة للنهوض بالإنسانية وصولاً إلى المجتمع المنشود، وعكست تاريخاً طويلاً من الصراع بين القوى الحاكمة المستبدة وبين المحكومين الرازخين تحت نير الظلم والاستبداد، فكانت فكرة القانون الطبيعي تعبيراً عن أمل المفكرين بوجود قواعد قانونية، أبدية، خالدة ثابتة، تصح في الزمان والمكان، أسبق من القانون الوضعي وأسمى، يمليها العقل السليم ويستقر عليها الضمير الإنساني والحس الاجتماعي، ليست من خلق الإنسان وإنما وليدة قوة مهيمنة غير منظورة، للاهتداء بها وتكون المثل الأعلى لكل تشريع وضعي يكون أقرب للكمال كلما اقترب من تلك القواعد، لأنها توحي بمقاييس مطلقة للخير والشر والحق والعدل.
وقد تطورت فكرة القانون الطبيعي منذ نشأتها وظهور مبادئها عند اليونان، وتبلورها فيما بعد نظرية لها أصولها وقواعدها، وأخذت أشكالاً وصوراً متعددة في العالم الغربي، ولم يحل قدم هذه الفكرة من دون العناية بها والاهتمام الدائم بدراستها، وظلت في مقدمة الحلول المطروحة لتنظيم العلاقات على صعيد المجتمع الوطني والدولي إلى يومنا هذا. وعلى الرغم من إجماع العديد من المفكرين على ضرورة القانون الطبيعي إلا أنهم اختلفوا في تحديد أساسه، فمنهم من أسسه على العقل المحض، ومنهم من أسسه على الدين وهدي مفاهيمه، ولم تحدد العصور المتعاقبة معالمه ومفهومه على نحو يزيل ما يشوبه من غموض وتناقضات، الأمر الذي أدّى إلى تعرض فكرته للانتقادات الكثيرة، وانحرافها في كثير من الأحيان عن أهدافها السامية التي تسعى إليها، وتحولت إلى سلاح ذي حدين، فقد لجأ إليها الحاكم المستبد لتسويغ سلطته، والرأسمالية لتبرير سياساتها واستغلال الشعوب، وأصبح القانون الطبيعي أداة لتحقيق المصالح السياسية المتناقضة، فانحسر مفهومه في زوايا الدفاع عن الذات، بسبب بروز المدرسة التاريخية وهيمنة الفلسفة الوضعية على عالم الفكر والقانون في العصر الحديث. وعلى الرغم من ذلك فإن فكرة القانون الطبيعي لم تتلاش، فنجدها تجدد نفسها وتظهر إلى سطح الحياة كلما كانت الظروف مواتية، فهي لا تزال تحظى باهتمام علماء الأخلاق والقانون، بل إن العديد من القوانين المدنية تعد القانون الطبيعي مصدراً من مصادر القانون لسد النقص في التشريعات الوضعية، فمنها ما نص على مصطلحه ومنها ما اكتفى بذكر قواعد العدالة التي هي قوامه. 

 

 

 


كلمات البحث: المعتزله - الاحكام - العقليه - مباديء - قانون - الطبيعى - أحمد - الحريثي
عنوان الكتاب
المعتزلة والأحكام العقلية ومبادئ القانون الطبيعي
اسم المؤلف
أحمد الحريثي
دار النشر
الوراق
الوزن
0.484
عدد الصفحات
335
نوع الغلاف
كرتون