البخلاء

كان الجاحظ إماماً من أئمة الكلام، وزعيماً من زعماء المعتزلة، وصاحب نحلة من نحلهم، وكان عالماً محيطاً بمعارف عصره، لا يكاد يفوته شيء منها، سواء في ذلك أصيلها ودخيلها، وسواء منها ما كان إلى العلم والتحقيق، وما كان إلى الأخبار والأساطير، وكان راوية من رواة اللغة وآدابها وأخبارها، غابرها ومعاصرها، واسع الرواية، دقيق المعرفة، قوى الملكة في نقد الآثار وتمييزها، ولكنه كان فوق هذا كله، كاتباً أديباً بكل ما تتضمنه هذه الصفة من رهافة فى الحس، وخصوبة فى الخيال، وقوة في الملاحظة، ودقة في الإدراك، وقدرة على التغلغل فى دقائق الموجودات، واستشفاف الحركات النفسية المختلفة، وتمكن من العبارة الحية النابضة، والتصوير الكاشف البارع الذي يبرز الصورة بشتى ملامحها وظلالها، في بساطة ودقة وجمال..

عالم البخلاء عالم مليء بالحكايات المسلية والمواقف الهزتية التي تبعث على الدهشة والعجب، وكتاب البخلاء للجاحظ هذا الكاتب والمفكر الساخر الكبير لم تكن غايته المرح والتسلية فحسب، وإنما كانت قصصه عن البخلاء ممتلئة بالحكمة التي تؤكد وفيها لمحة عن الحياة الاجتماعية قيم الكرم بغير إسراف و تبذير، و في العصر العباسي وما بها من عادات غريبة وأفكار عجيبة، علاوة على احتوائها كذلك على العديد من أسماء الأعلام والمشاهير المغمورين، وأسماء البلدان والأماكن وصفات أهلها والعديد من أبيات الشعر والأحاديث والآثار فالكتاب موسوعة علمية، وأدبية واجتماعية وجغرافية وتاريخية..

كلمات البحث: البخلا - بخلاء - جاحظ - لجاحظ