قصة مدينتين

"إن ما أفعله الآن هو أعظم كثيراً من أي شيء فعلته في حياتي كلها.. وإن الراحة التي أمضي اليها الآن أعظم من أي راحة عرفتها أبداً"

رواية تشارلز ديكنز هذه أشبه بملحمة.. نرجع فيها في التاريخ فنعايش الثورة الفرنسية.. مالها وما عليها.. ما رسمته من حدود في التعامل مع طبقة العامّة في فرنسا .. وما غيّرت مِن مفاهيم حول معنى الحرية والقيود الَتي يجب أن نلتزم فيها لألا تتحول الحريّة إلى وسيلة متطرفّة نُقيم فيها الحَد كلّما سوّلت لنا أنفُسنا بذلك

تشارلز يرسُم صورة رمادية حول الثورة.. فيُرينا الوحشية التي تعامل فيها أصحاب الطبقة النبيلة مع باقي فئات الشعب.. ويرينا الآثار التراكميّة التي تُؤدي إلى أزمات نفسية طويلة الأمد.. ويأكد لنا أن منبع الثورة هو الظُلم في الصورة الأولى…. ولكنّه أيضاً يوضّح بأن للثورة حدود.. وأن شديدها سيّئها.. وأن من يُبيح قَطع رِقاب الأفراد باسم الحريّة.. يماثل في سوءه ذلك النبيل الذي بصق على وجه الفلّاح وأهان كرامته

رحلتي مع الرواية ما كانت أفضل شيء… وما قدرت استمتع بكل الفصول وكل الأحداث.. ولذلك الأمر وسّعت الرواية مداركي حول موضوع يتعلّق بقراءة الكتب.. وهو أن تجربة القراءة هي عملية تتضمّن الجيد والسيّء.. والكتاب الجيد لا يعني بالضرورة أن تستمتع في كل صفحاته.. ما يهم في النهاية هو الانطباع الأخير الذي يخلّفه الكتاب مع آخر صفحة.. العِبَر التي تتجلّى على السطح.. الأثر الذي لا يزول مهما تقدّمت السنة وعفا الزمن عَن أي عمل أدبي