العودة بنظره إلى استعراض قرنين من تاريخ اندراج العرب بحضارة عصرهم، يسعى برهان غليون في كتاب (سؤال المصير) إلى الدفاع عن أطروحة تفيد بأن التخلف الذي تعانيه المجتمعات التي بقيت على هامش الحضارة أو ملحقة بها، ومنها العربية، لا علاقة له بطبيعة ثقافتها أو إرثها السياسي، بمقدار ما هو نتيجة مباشرة وثمن التقدم الذي عرفته الدول المركزية؛ فالدول الصناعية -في نظره- لم تحتل الموقع المركزي الذي تشغله الآن في النظام العالمي بسبب ما حققته من سبق علمي وتقني مقارنة بالدول أو المجتمعات الأخرى، لكن بسبب نجاحها في احتكار عناصر هذا التقدم ومنع الدول الأخرى من الحصول عليه أو مجاراتها فيه. ولم يكن النظام الاستعماري وحروبه لاحتكار طرق التجارة وتدمير الإمبراطوريات القديمة وتفكيكها للوصول الى مواردها وتحويلها الى أسواق لبضائعها إلا تجسيداً عملياً لإرادة السيطرة والاحتكار.
لذا، فإذا لم تنجح مجتمعات ما بعد الاستعمار في تغيير مكانتها في هذا النظام، فلأن معظم نخبها الاجتماعية، باستبطانها الأيديولوجيا العنصرية الصانعة التفوق والدونية، أعادت من دون أن تدري بناء العلاقة الاستعمارية ذاتها بين السيد والتابع؛ أي بين من يستحق أن يحكم ويملك، ومن لا خيار له سوى الخضوع، لكن هذه المرة على مستوى الدولة الجديدة والمجتمعات المحلية. هكذا لم يعد لمثقفيها خطاب أو هم سوى إقناعنا وعموم الجمهور بأننا، عرباً أو مسلمين أو أفارقة، لاعقلانيين، عاطفيين ومتعصبين، منفصلين عن التاريخ، مشوهين نفسياً وأنانيين، لا نعرف معنى الوطنية ولا الأخلاق ولا السياسة ولا الدولة ولا المجتمع المدني؛ وحدهم من يشبهون الغربيين ويتشبهون بهم قادرون على الحكم والتملك وصنع التاريخ.
كلمات البحث: سوال - سأل - مصير
العودة بنظره إلى استعراض قرنين من تاريخ اندراج العرب بحضارة عصرهم، يسعى برهان غليون في كتاب (سؤال المصير) إلى الدفاع عن أطروحة تفيد بأن التخلف الذي تعانيه المجتمعات التي بقيت على هامش الحضارة أو ملحقة بها، ومنها العربية، لا علاقة له بطبيعة ثقافتها أو إرثها السياسي، بمقدار ما هو نتيجة مباشرة وثمن التقدم الذي عرفته الدول المركزية؛ فالدول الصناعية -في نظره- لم تحتل الموقع المركزي الذي تشغله الآن في النظام العالمي بسبب ما حققته من سبق علمي وتقني مقارنة بالدول أو المجتمعات الأخرى، لكن بسبب نجاحها في احتكار عناصر هذا التقدم ومنع الدول الأخرى من الحصول عليه أو مجاراتها فيه. ولم يكن النظام الاستعماري وحروبه لاحتكار طرق التجارة وتدمير الإمبراطوريات القديمة وتفكيكها للوصول الى مواردها وتحويلها الى أسواق لبضائعها إلا تجسيداً عملياً لإرادة السيطرة والاحتكار.
لذا، فإذا لم تنجح مجتمعات ما بعد الاستعمار في تغيير مكانتها في هذا النظام، فلأن معظم نخبها الاجتماعية، باستبطانها الأيديولوجيا العنصرية الصانعة التفوق والدونية، أعادت من دون أن تدري بناء العلاقة الاستعمارية ذاتها بين السيد والتابع؛ أي بين من يستحق أن يحكم ويملك، ومن لا خيار له سوى الخضوع، لكن هذه المرة على مستوى الدولة الجديدة والمجتمعات المحلية. هكذا لم يعد لمثقفيها خطاب أو هم سوى إقناعنا وعموم الجمهور بأننا، عرباً أو مسلمين أو أفارقة، لاعقلانيين، عاطفيين ومتعصبين، منفصلين عن التاريخ، مشوهين نفسياً وأنانيين، لا نعرف معنى الوطنية ولا الأخلاق ولا السياسة ولا الدولة ولا المجتمع المدني؛ وحدهم من يشبهون الغربيين ويتشبهون بهم قادرون على الحكم والتملك وصنع التاريخ.
كلمات البحث: سوال - سأل - مصير