لا حاجة بنا إلى تعريف ابن خلدون. فهو من أشهر من أن يعرّف. إنه يعدّ من أعظم المفكرين في العالم. وقد جاءت شهرته من كونه أول من درس المجتمع البشري بطريقة واقعية حيث خرج بها عن الطريق الوعظية التي كانت مسيطرة على الأذهان طيلة القرون القديمة والوسطى. وقد كثرت الدراسات حول ابن خلدون في الآونة الأخيرة، وظهرت كتب ومقالات عديدة عنه في البلاد العربية والأجنبية. وإني أقدم بحثي حول ابن خلدون لا أريد أن أسير به على المنهج نفسه الذي سار عليه هؤلاء الباحثون. إن بحثي سيدور حول ناحيتين من نظرية ابن خلدون. الأولى دراسة المنطق الذي جرى عليه تفكير ابن خلدون عند إنشاء نظريته، والثانية دراسة العوامل الفكرية واللافكرية التي ساعدته على إنشائها.
إن المجتمع عبارة عن منظومة متفاعلة من العلاقات والمصالح، وهو في صيرورة دائبة وتغير مستمر. وهو إذن لا ينطبق عليه ما يؤمن به المنطق القديم من حقيقة مطلقة لا تتغير. يقول الأستاذ شيلر في وصف ذلك المنطق: إن الحقيقة في ضوء هذا المنطق واحدة. والآراء إذن يجب أن تكون فيها متفقة. فأنت إما أن تكون مع تلك الحقيقة أو ضدها. فإذا كنا ضدها فأنت هالك. أما إذا كنت مع الحقيقة فليس لأحد أن يجرؤ على مناقضتك أو الاعتراض عليك.
يقول ابن خلدون عن الذين بحثوا في القضايا الاجتماعية قبله إنهم كانوا يتّبعون منهج الوعظ أو الخطابة، أي إنهم كانوا يحاولون الإتيان بالأقوال المقنعة في استمالة الجمهور إلى رأي أو صدّهم عنه، أو في حملهم على منهاج يكون فيه حفظ النوع وبقائه.
كان المفكرون يعتقدون بأن الواجب يقضي عليهم أن ينصحوا المجتمع لكي يتخلص من واقعة السيئ، لا أن يصفوا ذلك الواقع ويكتشفوا قوانينه. فالمجتمع في نظرهم مريض، ولا سبيل لعلاج مرضه إلا بتلقينه الأفكار الصالحة، فإذا عرف المجتمع تلك الأفكار سار عليها، وبهذا ينال السعادة والخير.
كلمات البحث: المنطق - بن - إبن - على - الوردى - وردي
لا حاجة بنا إلى تعريف ابن خلدون. فهو من أشهر من أن يعرّف. إنه يعدّ من أعظم المفكرين في العالم. وقد جاءت شهرته من كونه أول من درس المجتمع البشري بطريقة واقعية حيث خرج بها عن الطريق الوعظية التي كانت مسيطرة على الأذهان طيلة القرون القديمة والوسطى. وقد كثرت الدراسات حول ابن خلدون في الآونة الأخيرة، وظهرت كتب ومقالات عديدة عنه في البلاد العربية والأجنبية. وإني أقدم بحثي حول ابن خلدون لا أريد أن أسير به على المنهج نفسه الذي سار عليه هؤلاء الباحثون. إن بحثي سيدور حول ناحيتين من نظرية ابن خلدون. الأولى دراسة المنطق الذي جرى عليه تفكير ابن خلدون عند إنشاء نظريته، والثانية دراسة العوامل الفكرية واللافكرية التي ساعدته على إنشائها.
إن المجتمع عبارة عن منظومة متفاعلة من العلاقات والمصالح، وهو في صيرورة دائبة وتغير مستمر. وهو إذن لا ينطبق عليه ما يؤمن به المنطق القديم من حقيقة مطلقة لا تتغير. يقول الأستاذ شيلر في وصف ذلك المنطق: إن الحقيقة في ضوء هذا المنطق واحدة. والآراء إذن يجب أن تكون فيها متفقة. فأنت إما أن تكون مع تلك الحقيقة أو ضدها. فإذا كنا ضدها فأنت هالك. أما إذا كنت مع الحقيقة فليس لأحد أن يجرؤ على مناقضتك أو الاعتراض عليك.
يقول ابن خلدون عن الذين بحثوا في القضايا الاجتماعية قبله إنهم كانوا يتّبعون منهج الوعظ أو الخطابة، أي إنهم كانوا يحاولون الإتيان بالأقوال المقنعة في استمالة الجمهور إلى رأي أو صدّهم عنه، أو في حملهم على منهاج يكون فيه حفظ النوع وبقائه.
كان المفكرون يعتقدون بأن الواجب يقضي عليهم أن ينصحوا المجتمع لكي يتخلص من واقعة السيئ، لا أن يصفوا ذلك الواقع ويكتشفوا قوانينه. فالمجتمع في نظرهم مريض، ولا سبيل لعلاج مرضه إلا بتلقينه الأفكار الصالحة، فإذا عرف المجتمع تلك الأفكار سار عليها، وبهذا ينال السعادة والخير.
من رأي ابن خلدون أن المجتمع لا يمكن علاجه بهذه الطريقة. فالمواعظ المجردة لا تؤثر في الناس لأنهم يسيرون في حياتهم حسبما تقتضيه طبيعة المجتمع الذي يعيشون فيه. -من المقدمة.. علي الوردي
كلمات البحث: المنطق - بن - إبن - على - الوردى - وردي