كرّست (سيمون دي بوفوار) حياتها للكتابة والبحث والاطّلاع والدّفاع عن قضايا المرأة في مختلف جوانبها دون أن يلهيها ذلك عن النّضال من أجل إنسانيّة يطيب فيها العيشُ، إنسانيّة خالية من العنصُريّة والجهل والاضطهاد. إلّا أنّ ما يُميّزها عن غيرها من الحقوقيّين هو نصّها الرّائعُ الذي ما انفكّ يرافقها في جميع محطّات سعيها إلى إحراج الطّغاة على اختلاف طبيعة سلطاتهم (التميز بينَ الجِنسَيْن، البورجوازيّة، استغلال الدّين، اغتصاب الحُرّيات، الاستعمار، الدّكتاتوريّة..). بوسائل ضغط ميدانيّة وصحافيّة وأدبيّة وسياسيّة، على نحوٍ لا تتحقّق معه المطالب وتُعادُ الحقوق إلى أصحابها فحسب، بل أن يقف الجُناة -وهذا هو الأهمّ- أمام مسؤوليّاتهم وهم على دراية لا يكتنفها غموض بما تدينهم من أجله الإنسانيّة والتاريخ. فهي، إذاً، محاكمة للعتاة من جهة ودرس للأجيال حتّى لا تتكرّر أخطاء سوء الاختيار والتخاذل وتغليب المصلحة الخاصة على الإحساس العام بالقضايا.
في الفنّ والمعمار أيضاً، من خلال اكتشافاتها وأسفارها الكثيرة حول العالم، كان لها وجهة نظر عميقة، اختلفت عمّا يرويه أدباء الرّحلة، فهي وإن بدت تنقل ما رأت أثناء زياراتها، فهي ترمي من وراء ذلك إلى تقصّي مسيرة الإنسانيّة في حيرتها الوجوديّة وبؤسها وطريقة تعبيرها عن أسئلة الموت والخلود وعن جدوى الإنجاز والتّضحية. ومن خلال قراءاتها وأحلامها أخذتنا دي بوفوار في جولة داخل عالمها السّحري المُتفرّد، وعرجت بنا على علاقاتها وصداقاتها التي كان لها أثر عميق في حياتها، لاسيّما تلك التي جمعتها بالفيلسوف الكبير رفيق دربها سارتر.
لكنّ الأهمّ في اعتقادي هو تفرّد سيمون دي بوفوار في إحساسها العميق بواجبٍ تجاه الوجود يُحتّم عليها سرد ما أتاحه لها هذا الوجود من فرص سفرٍ واطّلاع وتأمّل وأمجاد، كأنّها تدفع مقابلَ حياةٍ قُدّمت لها في شكل هديّة جميلة لا شيء يشكُرها سوى العمل. وهكذا سيشعر القارئ على امتداد كتاب "وانتهى كل شيء" بأنّه مُنطلق في رحلة طويلة جذّابة في الصّورة والمعنى، ترجو من خلالها الكاتبة أن تعيره حواسّها وعقلها ووجدانها وحاضرها وماضيها كي يُشاركها امتنانها لما حَبَتْها به الحياة من مِنَح وأيّدتها به دون كثيرين من ظروف جعلتها تعيش أفكارها. وأخيراً، ولكي تجعل المتلقّي من كلّ زمن وبلد، بأسلوبها، شاهداً على أنّها أدّت ما عليها تجاه المُضطَهَدين أفراداً كانوا أم شعوباً وتجاه التّاريخ. وعلى أنّها سوّت حسابها أمام الضّمير والفكر.
كلمات البحث : وانتها - وأنتهى - وإنتهى - كل - شئ - شيئ - شىء - كلشيء - سمون - دو - بوفور
كرّست (سيمون دي بوفوار) حياتها للكتابة والبحث والاطّلاع والدّفاع عن قضايا المرأة في مختلف جوانبها دون أن يلهيها ذلك عن النّضال من أجل إنسانيّة يطيب فيها العيشُ، إنسانيّة خالية من العنصُريّة والجهل والاضطهاد. إلّا أنّ ما يُميّزها عن غيرها من الحقوقيّين هو نصّها الرّائعُ الذي ما انفكّ يرافقها في جميع محطّات سعيها إلى إحراج الطّغاة على اختلاف طبيعة سلطاتهم (التميز بينَ الجِنسَيْن، البورجوازيّة، استغلال الدّين، اغتصاب الحُرّيات، الاستعمار، الدّكتاتوريّة..). بوسائل ضغط ميدانيّة وصحافيّة وأدبيّة وسياسيّة، على نحوٍ لا تتحقّق معه المطالب وتُعادُ الحقوق إلى أصحابها فحسب، بل أن يقف الجُناة -وهذا هو الأهمّ- أمام مسؤوليّاتهم وهم على دراية لا يكتنفها غموض بما تدينهم من أجله الإنسانيّة والتاريخ. فهي، إذاً، محاكمة للعتاة من جهة ودرس للأجيال حتّى لا تتكرّر أخطاء سوء الاختيار والتخاذل وتغليب المصلحة الخاصة على الإحساس العام بالقضايا.
في الفنّ والمعمار أيضاً، من خلال اكتشافاتها وأسفارها الكثيرة حول العالم، كان لها وجهة نظر عميقة، اختلفت عمّا يرويه أدباء الرّحلة، فهي وإن بدت تنقل ما رأت أثناء زياراتها، فهي ترمي من وراء ذلك إلى تقصّي مسيرة الإنسانيّة في حيرتها الوجوديّة وبؤسها وطريقة تعبيرها عن أسئلة الموت والخلود وعن جدوى الإنجاز والتّضحية. ومن خلال قراءاتها وأحلامها أخذتنا دي بوفوار في جولة داخل عالمها السّحري المُتفرّد، وعرجت بنا على علاقاتها وصداقاتها التي كان لها أثر عميق في حياتها، لاسيّما تلك التي جمعتها بالفيلسوف الكبير رفيق دربها سارتر.
لكنّ الأهمّ في اعتقادي هو تفرّد سيمون دي بوفوار في إحساسها العميق بواجبٍ تجاه الوجود يُحتّم عليها سرد ما أتاحه لها هذا الوجود من فرص سفرٍ واطّلاع وتأمّل وأمجاد، كأنّها تدفع مقابلَ حياةٍ قُدّمت لها في شكل هديّة جميلة لا شيء يشكُرها سوى العمل. وهكذا سيشعر القارئ على امتداد كتاب "وانتهى كل شيء" بأنّه مُنطلق في رحلة طويلة جذّابة في الصّورة والمعنى، ترجو من خلالها الكاتبة أن تعيره حواسّها وعقلها ووجدانها وحاضرها وماضيها كي يُشاركها امتنانها لما حَبَتْها به الحياة من مِنَح وأيّدتها به دون كثيرين من ظروف جعلتها تعيش أفكارها. وأخيراً، ولكي تجعل المتلقّي من كلّ زمن وبلد، بأسلوبها، شاهداً على أنّها أدّت ما عليها تجاه المُضطَهَدين أفراداً كانوا أم شعوباً وتجاه التّاريخ. وعلى أنّها سوّت حسابها أمام الضّمير والفكر.
كلمات البحث : وانتها - وأنتهى - وإنتهى - كل - شئ - شيئ - شىء - كلشيء - سمون - دو - بوفور